رمضان حلب

30 أوت 2010

في مثل هذه الأيام من السنة يكون موعد عودتي إلى الامارات قد اقترب ،و بدأ الشعور بالذنب يتسلل إلى قلبي ، ذلك أنني لم أحب هذه المدينة التي قضيت فيها إجازتي ولم أحتفي بها كما يجب و كنت كثيرة التذمر منها ، من حرارتها ، من انقطاع كهربائها، من حجب الفيس بوك و سوء الإنترنت، من تعصب سكانها و طريقة تفكيرهم الخاصة ، إلا أن رمضان حلب غير وجهة نظري تماما و جعلني أغرم بهذه المدينة من جديد .

رمضان حلب كان مختلفاً عن كل رمضاناتي السابقة ، فلم يصادف وجودي هنا في رمضان من قبل إلا مرة  واحدة  ولأيام معدودة منذ عامين و كنت وقتها مشوشة التفكير و عالقة في امتحاناتي النهائية ، في هذا العام حضرت أول أسبوعين من رمضان في حلب لأشعر للمرة الأولى في حياتي بمعنى رمضان الحقيقي.

فلأول مرة أجرب العطش تحت درجة حرارة 45 ، بالإضافة إلى  ميزة “انقطاع الكهرباء لمضاعفة الثواب “، و العزايم المتتالية ، و عدة رمضان اليومية من السوس و التمر الهندي و المعروك بأشكاله و نكهاته المختلفة  ، كم أشتاق إلى المعروك هنا في الإمارات 😦 .

كما أنني لأول مرة أداوم على صلاة التراويح بشكل يومي في المسجد ، همة عالية و أعداد هائلة مقبلة على الصلاة صغاراً و كباراً ، حتى العجزة الذين لا تقوى أقدامهم على تحمل مشقة الوقوف لم يكن هذا ليقف عقبة أمام تأديتهم لصلاة التراويح جماعة في المساجد ، كنت أصلي في جامع الغزالي القريب من منزلي و الملقب بجامع الاكسبريس 🙂 ،  فبينما تكون الجوامع الأخرى قد وصلت بالكاد إلى الركعة الثامنة نكون قد أنهينا عشرين ركعة في جامع الغزالي و انصرفنا إلى أشغالنا خلال خمس و أربعين دقيقة أو أقل ، حقيقة أنني لم أعرف إماماً أسرع من إمام هذا الجامع طوال حياتي فأطول سوره كانت قل هو الله أحد .

أما بعد صلاة التراويح ينتشر الناس في الأسواق و محلات السهر حتى ساعات الصباح الأولى ، و بما أن حلب مدينة ليلية في حالاتها العادية و لا تعرف النوم قبل أذان الفجر فمن الطبيعي أن تستمر الحركة في الشوارع خلال أيام رمضان حتى وقت متأخر جداً ، حتى أن المسحراتي لا يكاد يجد من يوقظه عند مروره في شوارع حلب الساهرة .

ودعت حلب منذ أسبوع تقريباً متحسرة على رمضانها و لكنني متأملة بأنني سأقضي رمضان بكامله في حلب العام القادم.