chart

هل جربتَ يوماً أن تراجع تفاصيلك التاريخية مع نفسك ؟؟ هل جربتَ أن ترسم مخططاً بيانياً لمزاجك المتقلب ؟ أنا لا أتحدث عن التباينات التي تمثل ذبذبات بسيطة على المخطط البياني لمزاجيتنا .. و لكنني أتحدث عن تلك الانحدارات الشديدة .. أتحدث عن الاتجاه من النقيض إلى النقيض .. أتحدث عن التحول من الحب المفرط إلى الكره المفرط !

أتذكر أنني في حرب العراق عندما سقطت بغداد عشت حالة من الاكتئاب و المرابطة على أخبار العراق.. كنت حينها أبحث عن طريق يوصلني إلى هناك .. كنت على استعداد للذهاب و الموت هناك بلا ثمن .. ولكنني اليوم أسارع في تغيير المحطة كلما سمعت نبأ اخبارياً يتحدث عن حوادث العراق .. وما شأني بحروبهم !

بعدها انحرف المخطط البياني لميولي بشكل مرعب من النقيض إلى النقيض .. أصبحت متابعة لأخبار أحد الفنانين الذي لعب على وتر العاطفة الدينية و لبس قناع الملائكية .. أصبحت أتابعه بشغف المراهقين و تفكيرهم السطحي .. يا لسخافتي ! تمر صوره الآن أمامي  فأخجل من نفسي و أشعر بالاشمئزاز من كل شيء كنت أراه فيه جميلاً .. هل يعقل أنني فعلاً أعجبت بكائنٍ  بهذا القبح الداخلي و الخارجي !!

في فترة من فترات حياتي حرصت كثيراً على أن أصنع من نفسي شخصاً اجتماعياً مفرطاً .. أحاول صنع أكبر عدد من الصداقات و المعارف بشكل مخيف .. أقيم الاحتفالات و لا أتوانى عن الاشتراك بها .. أنظم الرحلات و الأنشطة و أستمتع كلما حققت نصراً اجتماعيا جديداً .. و لم ينقض علي وقت طويل حتى بدأت مظاهر العزلة تبدو علي .. وذهبت إلى أكثر من هذا عندما بدأت أتعمد فقد من حولي و إسقاطهم واحداً تلو الآخر دون أدنى اكتراث يذكر.. أي سعادة كنت أجدها في ذلك الصخب !

وهكذا كنت أعيش مواسم التناقضات المنهكة .. أُقلّبُ صفحاتي القديمة و أكاد لا أجد نفسي بينها .. أكاد لا أعرفني ..أنظر حولي .. و أتأمل سلسلة التناقضات التي يعيشها الآخرون على اختلاف تفاصيلهم و ميولهم .. فأجد بعض السلوى لدهشتي .. إننا فقط كائنات متشابهة جداً .. حتى في تناقضاتنا ..

أصبحت مؤمنة بأن أي ميل “مفرط”  يجرفني إلى أي شيء لا يمثل إلا تمهيداً لموسم جديد من الميل في اتجاه معاكس ..

Add to FacebookAdd to DiggAdd to Del.icio.usAdd to StumbleuponAdd to RedditAdd to BlinklistAdd to TwitterAdd to TechnoratiAdd to Yahoo BuzzAdd to Newsvine